رسائل “بكركي” إلى حزب الله: أنت لست إرهابياً
قد يكون غريباً أن نستمع إلى رجل دين، يتحدث في خطاب واحد، أمام حشد جماهيري، عن السياسة وضرورة تنظيم مؤتمر دولي لرعاية تعديل النظام السياسي في لبنان، وعن ضرورة فصل الدين عن الدولة والتوجه نحو الدولة المدنية، خصوصاً، أن دولة مدنية حقيقية ستجعل كلام رجل الدين في السياسة بلا جدوى على الإطلاق، ولكن بغض النظر عن هذا الأمر، ما حصل في بكركي قد يكون له تداعيات خطيرة على المستوى الطائفي، خاصةً إذا ما انتقلنا من مرحلة الصراع السياسي إلى مرحلة الصراع الطائفي.
قرار سياسي بعدم الرد على الراعي
في البداية، لا يُمكن النظر إلى ما حصل في بكركي السبت الماضي من جهة واحدة، فالحشد الشعبي وما أطلقه من هتافات، يجب فصله عن خطاب البطريرك الماروني، إنما عند النظر إلى الأمرين سوية، يمكن فهم حالة القلق التي أثارها ما جرى. وفي هذا السياق تشير مصادر قيادية في فريق 8 آذار إلى أن فريقها يخشى من ارتفاع حدّة الخطاب الطائفي مؤخراً، لا المسيحي فقط، بل المسلم أيضاً، والذي يرافق ملف تشكيل الحكومة، مشيرة إلى أن القيمين على الطوائف يبدو أنهم يستشعرون اقتراب نهاية النظام الحالي، ويريدون رفع الصوت لضمان مواقعهم في أي تغيير مقبل.
وتكشف المصادر عبر “أحوال” أن قوى 8 آذار بشكل عام، قررت عدم الرد بشكل مباشر على البطريرك الماروني، لأنها ترغب بإبقاء التجاذبات السياسية بين القوى السياسية والأحزاب، ولا تريد أن تصبح بكركي طرفاً فيها، رغم اعتبارها أن “القوات اللبنانية” نجحت في جرّ بكركي إلى المستنقع السياسي، إذ كان يمكن للراعي أن يطلق مواقفه في قداس الأحد، بدل أن يصبح خطيباً في تجمع سياسي شعبي تقوده “القوات” اللبنانية.
بكركي لا تتبنى الهتافات السياسية
لم يكن مستغرباً بالنسبة للمتابعين ما صدر عن الحشد في بكركي من هتافات، فبالنسبة لهذا الجمهور، الذي تُشكّل “القوات” عموده الفقري، المعركة هي مع حزب الله وسلاحه، ومع التيار الوطني الحر في الشارع المسيحي، وما صدر عنه بحق حزب الله وميشال عون كان طبيعياً، وتكشف المصادر في هذا السياق، أن بكركي أوصلت الرسائل اللازمة لمن يعنيهم الأمر بأن البطريرك الماروني لا يتبنى الهتافات، وهي تمثّل مطلقها، وبكركي لا تعتبر حزب الله حزباً إرهابياً، وأن بكركي ليست طرفاً سياسياً ولا تقف في جبهة طرف ضد آخر، بل هي حاولت وتحاول دائماً جمع القوى السياسية تحت سقفها وهو ما لن يتبدّل. كذلك أكدت رسائل “بكركي” أن خطاب البطريرك الماروني يجب ان يفتح الباب للنقاش والحوار، وهو قابل لذلك في أي وقت وأمام أي فريق سياسي يرغب بذلك.
أما فيما يتعلق بزيارة نواب كتلة “المستقبل” إلى الصرح البطريركي صباحاً، فتؤكد المصادر عبر “أحوال” أن الزيارة لا تتعلق بما حصل السبت الماضي، وهي محدّدة منذ أسبوع تقريباً، وهي تأتي ضمن جولة على المرجعيات الدينية لوضعها في جوّ ما يحاول سعد الحريري القيام به خارج لبنان، وما يُمكن أن تقدّمه هذه المرجعيات من دعم في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة.